مجنون يحكي .. وعاقل يسمع...الحق عليه
شكت امرأة إلى صديقاتها سبب طلاقها من زوجها فقالت: كنت أسكن في بيت قديم شبيه بخرابة وكنت أحاول أن أرتب حياتي على ضوء إمكاناتي وقدراتي الخاصة, ومن ذلك أنني فكرت ذات يوم بتبليط أرض الديار المملوءة بالحفر والأخاديد
فسألت زوجي عن المكان الذي يشتري منه البلاط فسألني عن سر سؤالي, ولما قلت له إنني أنوي تبليط أرض بيتي عنفني وقال: ألا يكفي مصروفك أنت وأولادك حتى تضيفي مصروف التبليط?
سكت لكنني بيَّت أمراً, كان زوجي بائع صابون وكان قد جمع ألواحا عديدة من الصابون المعطر في غرفة من غرف الدار جعلها مستودعا, فلما ذهب إلى عمله ذات صباح شمرت عن ساعد الجد وقلت للأولاد هيا عاونوني, وبدأت أرصف أرض البيت الخربة بألواح الصابون المعطر وكنت أضع اللوح الكبير إلى جانب أخيه الكبير واللوح الصغير إلى جانب أخيه الصغير, فما هي إلا سحابة نصف النهار قد انقضت إلا وكنت قد بلطت أرض بيتي بألواح الصابون ذات الرائحة الزكية, ثم قلت للأولاد ابتعدوا وشطفت أرض الديار بحيث أصبحت تلمع كأنها أرض ديار جديدة.
حان المساء موعد عودة زوجي من دكانه فجاء وفتح الباب ودخل ولكنه تزحلق بألواح الصابون المفروشة على الأرض, فوقع وكسرت ساقه وكان من فورة الألم ينظر إلى ألواح الصابون الممتدة أمام عينيه ويتأوه, وأحسب أنه كان يتأوه على ماله الذي أهدرته- كما قال- في هذا العمل الذي كان من نتيجته أن كسرت ساقه وخسر ماله.
جاء الطبيب وأجرى اللازم وجبرت قدمه, وكنت عرضة لإحساسين متناقضين, إحساس بالشفقة على زوجي المسكين الذي كسرت قدمه وكان يتألم كثيرا, وأحساس بالفرحة لأنني نفذت رغبتي وبلطت البيت كما أشتهي وكما هي بيوت خلق الله, ومرت عدة أيام مرضه حتى خف ألمه فناداني: تعالي يا امرأة
أمرك
ماذا فعلت?
كل ما فعلته أنني عملت بيتك كما يجب أن يكون أو كسائر بيوت خلق الله
لكنك بحمقك وغبائك أوصلتني إلى كسر في ساقي وخسارة في مالي, فماذا تقولين?
أقول إنه ليس لك في الطيبات نصيب.
وما الطيبات?
أنا المرأة والزوجة المخلصة الحريصة على أن تكون كسائر الناس في بيتك وملبسك ومأكلك?
وماذا ترين أنني فاعل بك?
وصمت فكأن على رأسي الطير, وكنت أشعر بغيمة سوداء تداهم عيني وبدون كلمة أخرى قال: أنت طالق.
بالله عليكن ياصديقاتي الحق علي أم على زوجي مطلقي?
وهتفت النسوة جميعا: الحق عليه, الحق عليه! ومجنون يحكي وعاقل يسمع.
الأربعاء أكتوبر 31, 2007 9:39 am
